الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
ولما لم ير يوسف بدا من التخلص منه إلا بمسه تقدم إليه ووكزه برجله فرماه على الأرض وقال له أنتم أيها العبرانيون تزعمون أن لا أحدا أسد منكم قوة، وانما فعل هذا بنفسه ليسكن غضبه بمجرد مسّه، وعرف أنه لو سلط عليه جميع فتيانه لعجزوا عنه ولبطش بهم، فظن اخوته انما سكن غضب أخيهم من شدة وكزة الملك، ووقع على الأرض من قوة تلك الرفسة، فقال بعضهم لبعض لا قدرة لنا على مقابلته، وابتعدوا عنه وقال بعضهم لبعض: {ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} صواع الملك وان الملك ذو بطش وقوة لا طاقة لنا به، وقصّوا له ما حدث بينه وبين كبيرهم روبيل، وتحقق العجز عن تخليصه بمشاهدتنا كلنا: {وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا} من ثبوت السرقة بوجود الصاع في رحله فقط، إذ لا شاهد على الفعل، وبما أن وجوده في رحله يحتمل أن دسه فيه وقع ممن لا يعرف طلبنا منه العفو عنه وأن يسدينا معروفا فوق أفضاله السابقة علينا فلم يفعل، لأن السارق لا يعفى عنه بشريعته هذا: {وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ 81} ولو لم تعلم ما قدر عليه من غيب اللّه ما أعطيناك ذلك الموثق الذي أخذته علينا، بل لما أخذنا معنا، فاذا صدقكم فيها والا قولوا له: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها} أي أهل مصر: {وَالْعِيرَ} واسأل أهل العير: {الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها} إذ كلوا من كنعان جيران ليعقوب عليه السلام، وأصل العير قافلة الحمير ثم توسع بها لكل قافلة، لذلك قلنا آنفا في الآية 70 المارة إنها قافلة الإبل وأكدوا قولكم بما شئتم، فقولوا له: {وَإِنَّا لَصادِقُونَ 82} فيما ذكرناه لك، وإنما تآمروا على هذا القول الفصل مبالغة في إزالة التهمة عنهم بسبب واقعة يوسف، قالوا فذهبوا وتركوا كبيرهم في السن في مصر ليديم المراجعة بشأن أخيهم ويتعاهده برا بعهدهم يحفظه، ولما وصلوا قصّوا له القصة وما تفرع عنها من المناجاة ومكالمة الملك لأخيهم، فقال لهم ومن أعلم الملك بأن السارق عندنا يؤخذ بسرقته لولا أنكم أخبرتموه؟قالوا إنما أخبرناه حينما سألنا عن جزاء السارق بعد إنكارنا لسرقة الصواع لعلمنا أننا براء من سرقته، فذكرنا له ذلك لئلا يؤثر علينا كذبا، هذا ولا يقال كيف يجوز ليعقوب عليه السلام وهو نبي أن يقول هذا القول لما فيه من إخفاء الحكم الشرعي، لأن هذا مشروط فيما إذا كان المسروق منه مؤمنا تابعا لشريعته ومن يعامل معاملة المؤمنين بالمثل، لا إذا كان كافرا، وكان عليه السلام يظن أن حكومة مصر كافرة إذ ذاك، قالوا فلم يقبل عذرهم، لذلك: {قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} أردتموه في بنيامين فزينت لكم أنفسكم إيقاع السوء به كما زينته لكم قبلا في يوسف: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} على فعلكم هذا معى بأخويكم، اذهبوا عني: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} يوسف وبنيامين وروبيل.قال هذا من قبيل الإلهام الإلهي وحسن الظن باللّه، إذ كان حزينا على يوسف فاشتد حزنه على بنيامين وروبيل أيضا وما بعد الشدة إلا الفرج، وأنه عليه السلام لم يصدق أولاده بهلاك يوسف وقد وقر في صدره أنه سيرده اللّه عليه ويرى تأويل رؤيته وهو يترقب ذلك كله، ولذلك قال عسى إلخ: {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} بحالي ووجدي عليهم: {الْحَكِيمُ 83} فيما يدبره ويقضيه من إتيانهم إلي: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ} ولا هم ظهره وأعرض عنهم لأنه لما سمع كلامهم ضاق صدره ولم يبق بوسعه مكالمتهم ولم يقدروا أن يعيدوا عليه الكلام لما رأوا من شدة حزنه فانكفوا عنه ثم طلبهم ليوقفهم على حاله: {وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ} الأسف أشد الحزن لأن الحزن إذا تقادم وأتاه حزن آخر جدد الأول فكان أوجع للقلب، وأعظم لهيجان الحزن الأول الماكث فيه، قال متمّم ابن نويرة لما رأى قبرا جديدا جدد حزنه على أخيه مالك وصار يبكي ويقول:
يعني أن الحزن يجدد الحزن، وانما تأسف على يوسف مع أن الحادث مصيبة أخيه، لأن رزءه كان قاعدة الارزاء عنده، وقد أخذ بمجامع قلبه فصار لا يزول عن فكره ولا ينساه، وقيل في هذا: .مطلب جواز البكاء والحزن والأسف بما دون الضجر وتحريم شق الجيب وتحجيم الوجه واللطم وقص الشعر: ولا يقال إن هذه شكاية منه عليه السلام ولا يليق بمنصب النبوة صدورها، لأنه عليه السلام إنما شكا أمره إلى اللّه لا إلى غيره، ولم يشتك من اللّه لأحد لأن باء النداء مختصة بالأسماء، فكأنه قال يا رب ارحم أسفي على يوسف، فكان غير ملوم، وشكواه إليه تعالى، ولا مأثم إذا لم ينطق اللسان بكلام مؤثم: {وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ} على أولاده للثلاثة: {فَهُوَ كَظِيمٌ 84} الحزن ممتلئ القلب به لأنه لا يبثّه إلى أحد إلا إلى ربه، وقد غشى عينيه بياض من كثرة الدمع لا أنه عمي وفقد النظر فيها، لذلك فلا صحة لقول من قال إنه عمي، لأن العمى عيب والأنبياء مبرأون من جميع العيوب الحسية والمعنوية، وتؤذن هذه الآية بجواز التأسف والبكاء عند المصيبة، لأن الكف عن أمثال ذلك عند حدوث النوائب لا يدخل تحت التكليف، ويخرج عن الوسع والطاقة، فقد قل من يملك نفسه عند الشدائد، روى الشيخاني في حديث أنس رضي اللّه عنه أنه صلّى اللّه عليه وسلم بكى على ولده إبراهيم وقال إن العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون.وهذا فإن البكاء والحزن والتأسف بما دون الضجر غير منهي عنه شرعا، وإنما المنهي عنه ما يفعله بعض الجهلة من النياحة، ولطم الخدود، وضرب الصدور، وشق الجيوب، والتحمم، وتمزيق الثياب، وقص الشعر، ونثر التراب، وتخميش الوجه، ورويا أيضا من حديث أسامة أنه صلّى اللّه عليه وسلم رفع إليه صبيّ لبعض بناته يجرد بنفسه، فأقعده في حجره ونفسه تنقعقع كأنها في شنّ، ففاضت عيناه عليه الصلاة والسلام، فقال سعد يا رسول اللّه ما هذا؟ فقال هذه رحمة جعلها اللّه تعالى فيمن شاء من عباده، وانما يرحم اللّه من عباده الرحماء.وفي الكشاف: قال يا رسول اللّه تبكي وقد نهيتنا عن البكاء؟ قال ما نهيتكم عن البكاء وانما نهيتكم عن صوتين أحمقين: صوت عند الفرح وصوت عند الترح.وعن الحسن أنه بكى على ولد له أو لغيره فقيل له في ذلك فقال ما رأيت اللّه تعالى جعل الحزن عارا على يعقوب عليه السلام وقد ينشأ ذلك عن المحبة الشديدة التي تزيل من القلب الخواطر ويكون صاحبها كثير الرجوع إلى اللّه تعالى كثير الدعاء والتضرع له وقد يوصل ذلك إلى الكمال ويعد سببا للاستغراق في اللّه تعالى، قال تعالى: {قالُوا} أولاد يعقوب الموجودون عنده لما رأوا شدة تأثره: {تَاللَّهِ تَفْتَؤُا} لا تزال: {تَذْكُرُ يُوسُفَ} ولا تعتر عن ذكره: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا} دنفا مشرفا على الموت ذائبا من الهم مضمحلا من الأسى: {أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ 85} الميتين بسببه، وهذا من قبيل بناء الأمر على غالب الظن لما رأوا من حاله وكظمه غيظه، لأن تردد الحزن في الجوف مما يودي إلى الهلاك غالبا، فلا يقال كيف حلفوا على ما لم يعلموه، وإنما وقع من يعقوب عليه السلام هذا لأنه لم يقطع بوفاة يوسف كما ذكرنا آنفا، ولم يصدقهم بوقوع السرقة من بنيامين، وان زيادة صبره على يوسف وطول فراقه قد حزّ قلبه، وزاد في جزعه ما وصم به بنيامين فلا لوم عليه. هذا، وحذف حرف النفي من تفتأ في جواب القسم تخفيفا لمعلوميته موضعها لأن تفتأ تدل على النفي المحض، فإذا دخلت عليها لا النافية صارت متمحضة للإثبات ولذلك قالوا إن نفي النفي إثبات، قال امرؤ القيس:لأن برح وفتيء ودام أخوات متمحضات للنفي، فإذا ادخل عليها حرف النفي تمحضت للإثبات، والحرض معناه في الأصل فساد الجسم والعقل من الحزن والهم حتى يكون مهزولا نحيفا، وهو مصدر حرض بكسر الراء، وجاء أحرض أيضا كما في قوله: ولكونه كذلك لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع، لأن المصدر يطلق على القليل والكثير والمؤنث والمذكر. .مطلب الصبر الجميل وشبهه وكتاب يعقوب لملك مصر: واعلم ان الصبر الجميل هو الذي لا جزع فيه والهجر الجميل الذي لا حسد فيه، والقول الجميل الذي لا فظاظة فيه والنظر الجميل الذي لا إصابة فيه، والمدح الجميل الذي لا حسد فيه، والشكر الجميل الذي لا شكوى فيه الَ يعقوب عليه السلام ردا لما وصفوه به من عدم التحمل لمقدورات اللّه ولما ذكروا مما يؤول اليه حاله إذا بقي كذلكِ: {إنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}لا لكم ولا لغيركم والبث الغمّ الذي لا يطيق صاحبه الصبر عليه ولم يبق في وسعه حمله فيفرقه على من يعنيه مأخوذ من إثارة الشيء وتفريقه تقول بثت الريح الترابَ {أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ} 86: من عظيم لطفه وكثير رحمته وجليل عطفه، وإني لارجوه ان يرعاني ولا يخيب رجائي، وان يأتيني بالفرح المزيل لما أنا فيه من حيث لا أحتسب، وفي هذه الجملة إشارة إلى أنه عليه السلام يعلم حياة يوسف ويتوقع رجوعه، ولهذا قال: {يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} اطلبوا خبرهما بحواسكم ومثله تجسسوا بالجيم، إلا أنه في طلب الشرّ قال تعالى: {ولا تجسسوا} الآية 13 من سورة الحجرات، وإنما نهى اللّه عنه لانه من أقبح الخصال، لاسيما إذا كان في عورات المسلمين وبلادهم وإخبار العدو بمواقعهم وعددهم، فهو أعظم من القتل، أي تحروا يوسف الذي قلتم إنه هلك، وأخاه الذي قلتم أنه سرق، ولم يذكر روبيل لانه بقي باختياره في مصر انتظارا لما يفعل بقضية أخيه: {وَلا تَيْأَسُوا} تقنطوا فنقطعوا أملكم ورجائكم: {مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} فرجه ورحمته وفضله وتنفيسه، وهو بالفتح يقال أراح الإنسان إذا تنفس، ثم استعير للفرج وقرئ بالضم اشتقاقا من الرحمة لانها سبب الحياة كالروح وأضيفت اليه تعالى لانها منه أي لا تقطعوا أملكم من حي معه روح اللّه فان من بقيت روحه في جسده يرجى لقياه فالتمسوه وعليه قول عبيد الأبرص:وقوله وفي غير من وارث الأرض فاطمع، ثم حذرهم ترك العمل بما أمرهم فقال: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ 87} لعدم علمهم باللّه وصفاته أما المؤمن العارف فلا يقنط بحال من الأحوال لشدة وثوقه باللّه قالوا ثم كتب كتابا إلى ملك مصر وعبارته (من يعقوب إسرائيل اللّه بن إسحاق ذبيح اللّه بن ابراهيم خليل اللّه إلى ملك مصر، أما بعد فإنا أهل بيت وكل بنا البلاء، أما جدي ابراهيم فشدت يداه ورجلاه والقي في النار فجعلها اللّه بردا وسلاما وأما أبي إسحاق فشدت يداه ورجلاه ووضع السكين على قفاه ففداه اللّه، وأما أنا فكان لي ابن وكان أحب اولادي الي فذهب به اخوته إلى البرية ثم أتوني بقميصه ملطخا بالدم وقالوا قد أكله الذئب فصبرت وتوكلت، ثم كان لي ابن آخر وكان أخاه من أمه، فكنت أتسلى به وإنك حبسته وزعمت أنه سرق، وانا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقا فإن رددته إلي وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك) ثم أعطاهم إياه وأمرهم بالرجوع إلى مصر، فأخذوه وذهبوا وعند ما وصلوا إلى مصر واتصلوا بأخيهم روبيل واطلعوه على الكتاب فوقع في قلوبهم قبول الملك لما فيه من الترغيب والترهيب فحملوه جميعا، وتوجهوا نحو الملك، قال تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا} لابد وان يكون القائل واحدا، وبما أنهم كلهم دخلوا عليه فكانوا بمثابة الجمع، لان ما يقوله أحدهم يقول به كلهم، لذلك جاء الضمير بلفظ الجمع، والا لا يعقل انهم كلهم قالوا ذلك بلسان واحد لما فيه من عدم مراعاة الأدب: {يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ} الملك المنيع الغالب، قالوا وكان ملوك مصر يلقبون بالعزيز قديما قبل لقب فرعون، وبما أن يوسف كان قائما مقام الملك ومفوضا من قبله بكل أمور الدولة لقبوه بلقب الملك، وفي الحقيقة هو بمثابة وزير مالية مفوض ورئيس وزراء برتبة سلفه، وزاد عليه بلقب مفوض عن الملك بالأمور كلها: {مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} الشدّة والفاقة: {وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ} رديئة كاسدة لا تنفق إلا بتجوز من البائع وأصل الإزجاء الدفع قليلا قليلا كتزجية الريح اللينة السحاب الكثيف، وقللوا بضاعتهم وصغروها أمام الملك ليستميلوه ويستعطفوه،: {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا} بردّ أخينا، لأن رده إلينا صدقة كما أن توفيتك الكيل لنا صدقة، وليس معناه تصدق علينا بالطعام أو أعطنا مالا كما قاله بعض المفسرين، لأن الأنبياء، لا تحل لهم الصدقة، فكيف يليق بهم طلبها؟ وما قيل إن الأنبياء قبل محمد تحل لهم الصدقة لا صحة له فهو قول مجرّد عن الدليل لأن حضرة الرسول محمد صلّى اللّه عليه وسلم قال: «نحن معاشر الأنبياء» ولم يخص نفسه بذلك، والأنبياء كلهم على طريقة واحدة، وكل منهم يقول لقومه: {لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} فإذا كان لا يطلب على تعليمهم الطريق الموصل إلى اللّه ونجاتهم من عذابه أجرا، فكيف يطلب الصدقة عفوا؟ وكذلك القول بأن اجعل مسامحتك بأخذ الرديء من الثمن وإعطاء الجيد من الطعام صدقة لا وجه له، لأن الثمن الذي جاءوا به كان متداولا في ذلك الزمن فضلا عن أنهم يأخذون الجيد من الثمن طمعا بابتياعهم الطعام للمحتاجين إليه، لأن الزمن زمن غلاء وقحط، وانما حقروه بالنسبة لمقام الملك، لأن كل كثير عنده حقير: {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ 88} بثوابه الجزيل على العمل القليل ولم يقولوا يجزيك لأنهم لم يعلموا إيمانه قالوا ثم أعطوه الكتاب وانتظروا بماذا يجيبهم فلما قرأه اغرورقت عيناه ولم يتمالك نفسه أن: {قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ 89} في سن الطيش صغار لا تعقلون عواقب الأمر ولا يخفى أن فعلهم بيوسف ظاهر معلوم أما فعلهم بأخيه فهو كناية عما لحقه من الغم على فراق أخيه والهم على افرادهم له عنه واذلاله لديهم حتى صار لا يستطيع أن يكلمهم ومنه ما خاطبوه به عند وجود الصاع في رحله ومن كماله عليه السلام تقدم لأخوته بالمعذرة على فعلهم به حيث نسبهم إلى الجهل لأن له حالات تتقدم بالعذر عن فاعلها فهو كالتلقين لهم كي يعتذروا به على حد قوله تعالى {ما غرك بربك الكريم} الآية 7 من سورة الانفطار الآتية.
|